الخميس، 7 سبتمبر 2017

إنجازات ومساهمات أهم العلماء العرب والمسلمين [الجزء الأول]

         بســــــم الله الرحــــــمن الرحــــــيم

الأخوة الأعزاء والأخوات الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصبحكم الله بكل خير وجمعة مباركة مع تمنياتي لكم جميعاً بأطيب اﻷوقات وأسعدها.
اليوم نبدأ سلسلة جديدة بعنوان:

"إنجازات ومساهمات أهم العلماء العرب والمسلمين"

والموضوع الأول هو بمثابة وجهة نظري تمهيداً لهذه السلسلة، والتي هي على النحو التالي:

⬇⬇⬇⬇

لقد قرأت عدة كتب لمؤريخيين غربيين تتعلق  ب: "تاريخ العلم" و "تاريخ الفكر العلمي" و "تاريخ تطور العلوم" و "دراسات في العِلم والعلماء"  و "تاريخ اﻻكتشافات العلمية".

إﻻ أن اﻷمر المؤسف والمؤلم إن القارئ لهذه النوعية من الكتب سيتضح له بأن الكثير من هؤﻻء المؤرخين من العلماء الغربيين لم يكونوا موضوعيّن ولا مُنصفين بل كانوا مُجْحفين عند كتاباتهم عن العلماء العرب والمسلمين، وسيتضح للقارئ أيضاً بأن الكثير من هؤلاء الكٌتَّاب الغربيين كأنهم على اتفاق مسبق على اختزال تاريخ العلم بفترتين فقط من الزمان وهي فترتي اﻹغريق (وضموا لها ماتم إنجازه من بعدهم في عهد الرومان) وفترة عصر النهضة في أوروبا التي ازدهرت مابين القرنين [15-16] !!

اﻷمر المؤسف يكمن في أن هؤلاء المؤرخين الغربيين قد أغفلوا فترتين من تاريخ العلم وهما:
الفترة اﻷولى والتي كانت قبل عصر الإغريق حيث تم الوصول إلي أفكار ومباني وصروح وآثار شكلت مهداً للحضارات الإنسانية المتعاقبة قبل عصر الإغريق مثل الحضارة الصينية والهندية والسومرية والأشورية والبابلية والفينيقية والمصرية القديمة؛ وكأن اﻹغريق بقدرة قادر قد توصلوا لعلومهم النظرية (الفلسفية) بأنفسهم وبدون دراية لما توصل إليه قبلهم من مفكري وعباقرة الحضارات القديمة !!

أما الفترة الثانية هي التي كانت مابين حضارة اﻹغريق وعصر النهضة في أوروبا. وهي الفترة التي سادت فيها الحضارة الإسلامية وشيدها عشرات بل ربما مئات من العلماء المسلمين؛ وكأن علماء الغرب قد استيقظوا وفاقوا من سباتهم فجأة وبقدرة قادر أصبحوا علماء بدون أن يَطَّلِعُوا بل ويدرسوا ما توصل إليه من قبلهم العلماء المسلمين !!

وهم بذلك كأنهم تعمدوا إغفال أو إقصاء الفترة مابين اﻹغريق وعصر النهضة حينما كانت أوروبا بكاملها تقبع حقبة طويلة من الزمن في ظلام دامس من الجهل واﻷمية، المؤرخون الغربيون بأنفسهم يطلقون عليها عصور الظلام [Dark Ages]؛ بينما العرب والمسلمون آنذاك قد وصلوا بالإنسانية إلى قمة الحضارة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية !!

أما اﻷمر المؤلم في هذا السياق إن الحياد والموضوعية والدقة في التحري وغيرها من صفات النزاهة التي تشكل أهم خصائص العالِم الجاد التي يجب أن يتميز ويلتزم بها ليكتسب المصداقية، لم يتقيد بها  هؤﻻء المؤرخون الغربيون بالرغم من أنهم اعتبروا من العلماء لكنهم لم يتقيدوا بصفات العالِم الصادق في تقصي الحقائق التاريخية !!

لكن لابد من إحقاق الحق وأن أكون عادلاً وذلك بالقول أن هناك القلة القليلة من المؤرخين الغربيين كانوا منصفين عند كتاباتهم عن العلماء المسلمين، على سبيل المثال أن المؤرخ رام لاندو في كتابه "مآثر العرب في النهضة الأوروبية" كتب بما معناه: "إن علماء الغرب لايمكن أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه، إذا لم يحصلوا على على نتائج بحوث العلماء العرب مثل إبن رُشْد"

على أية حال إن الغالبية من المؤرخين الغربيين عندما يرغب أحدهم بأن يكون منصفاً فإنه يذكر بأن أحد العلماء المسلمين كان له دوراً في ترجمة جزء من أعمال أحد الفلاسفة اﻹغريق، وإن حاول أحد هؤلاء المؤرخين أن يكون أكثر إنصافاً فإنهم يذكروا بأن بعض العلماء المسلمين كان لهم دوراً في ترجمة أعمال الفﻻسفة اﻹغريق دون اﻹشادة أو حتى اﻹشارة إلى دور مساهمة العلماء المسلمين في اﻹضافات العلمية بعد ترجمتهم ﻷعمال اﻹغريق هذا ناهيك عن اﻻعتراف بالمساهمات الفردية التي قدمها عشرات العلماء المسلمين للحضارة اﻹنسانية !!

إن هؤﻻءَ المؤرخون الغربيون الذين كرسوا جهدهم في كتابة العديد من كتب تاريخ العِلم والعلماء لكي يكتسبوا أكثر مصداقية واحتراماً كان اﻷجدر بهم أن يسردوا تطور تاريخ العلم على أقل تقدير في سياق أربع عصور [فترات] وذلك حسب التسلسل التاريخي: عصر ماقبل التاريخ؛ عصر اﻹغريق والرومان؛ عصر الحضارة الإسلامية؛ وأخيراً عصر النهضة في أوروبا. وعلى العلماء أيضاً أن يلتزموا بخصائص العالِم الدقيق في تحري الحقائق التاريخية والموضوعية في سرد المعلومات مجرداً من أي تحييز.

من واجب أي مؤرخ عربي مسلم أو أي مؤرخ آخر يرغب في كتابة تاريخ العِلم والعلماء لكي يكون موضوعياً ومنصفاً فﻻبد أن يترك في ذاكرة القارئ بأنه لوﻻ ترجمة العلماء العرب والمسلمين ﻷعمال الفلاسفة اﻹغريق والتوسع بإضافة مساهمتهم الفردية لتطور العلوم ﻻضطر العلماء الغربيون في عصر النهضة أن يبدؤا من حيث بدأ أجدادنا. إنها الحقيقة التي يجب أن يسجلها أي مؤرخ منصف للعلم والتطور العلمي الذي نراه الآن وسيعيشه أبنائنا وأحفادنا من بعدنا.

وبعون الله تعالى في الأسبوع القادم من يوم الجمعة الفضيل سنبدا بتغطية هذه السلسلة وسنتناول سرد نبذة عن حياة وإنجازات عالماً من العلماء العرب والمسلمين العظماء، وذلك كالمعتاد بأسلوب سهل وبسيط.

جمعة مباركة وﻻ تنسونا من صالح دعائكم.

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق