الخميس، 28 سبتمبر 2017

أهم إنجازات ومساهمات العلماء العرب والمسلمين [الجزء الرابع]

بســــــم الله  الرحــــــــــــمن الرحــــــــــــيم

الأخوة الأعزاء والأخوات الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وصبحكم الله بكل خير وجمعة مباركة مع تمنياتي لكم جميعاً بأطيب اﻷوقات وأسعدها.

موضوع يوم هذا الجمعة الفضيل نواصل فيه إلقاء الضوء على إنجازات ومساهمات العلماء العرب والمسلمين. وموضوع اليوم يتعلق بأحد العلماء العظماء الذين تركوا بصمة قوية في تاريخ البشرية وهو الفارابي، والموضوع على النحو التالي:

⬇⬇⬇⬇

اسمه "محمد بن محمد بن طرفان" لُقِّبَ بالفارابي نسبة إلى مسقط رأسه مدينة 'فاراب' بتركيا. وكان مولعاً منذ صباه باﻷسفار فتنقل في بلاد الإسلام إلى أن استقر به الحال في بغداد وتعلم هناك اللغات والعلوم الدينية والعلوم الطبيعية والفلسفية.

حياة الفارابي التي عاشها في الفترة مابين [259 - 339] هجرية الموافق
[870 - 950] ميلادية قسمها المؤرخون إلى مرحلتين المرحلة اﻷولى أمضاها في بغداد حيث تعلم اللغات ومنها العربية وأيضاً دَرَسَ هناك علوم الدين والفقه والحديث والتفسير. وبالتالي كانت ثقافة الفارابي لغوية ودينية بجانب لغته التركية تعلم اللغة العربية واﻹغريقية والفارسية.

بعد عشرين عاماً قضاها الفارابي في بغداد انتقل إلى حلب ليعيش المرحلة الثانية من حياته وتواصل مع الأمير سيف الدولة الحمداني الذي قدم له الدعم المعنوي والمادي ليواصل دراسته العلمية.

وكانت حلب حينئذ تعتبر من أرقى البيئات العلمية حيث قابل كبار الشعراء والعلماء والفلاسفة. وبعد ذلك أمضى وقتاً طويلاً في العزلة والهدوء والتأمل والقرأة والدراسة، و بذلك أصبح الفرابي عالماً ناجحاً.

حيث كان له معرفة بالطب. ومن ضمن العلوم التي كان بارزاً جداً وعُرِفَ بها على مدى العصور. كما إنه كتب العديد من الكتب في علم الموسيقى، ويعتبر من أعظم العلماء النظريين في الموسيقى، وقيل إنه كان في صغر سنه يضرب بالعود ويغني. وكتب كثيراً في الموسيقى أشهرها "كتاب الموسيقى الكبير" الذي يعتبره معظم العلماء أعظم مؤلف في الموسيقى العربية منذ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا. وعَرِفَ المنطق والفلسفة والعلوم العقلية والنظرية.

ومن أهم كتبه الرائعة هو كتابه "المدينة الفاضلة" وهو محاولة لوصف جمهورية مثالية منظمةً تنظيماً شاملاً بحيث رئاسة الحكم فيها لفيلسوف صفاته مثل اﻷنبياء. ولم يكتف الفارابي بتأليف الكتب بل إنه ابتكر اﻵﻻت الموسيقية حيث إنه صنع آلة شبيهة بآلة القانون الحالية.

ليس هذا فحسب بل إن  أحد المستشرقين وصفه ب مؤسس  "الفلسفة العربية". ومستشرق آخر قال عنه بأن من يقرأ لكتب فلسفة ابن سينا وابن رشد ﻻبد وأن يجد في كتاباتهما ما يدل على أن لها جذور في فلسفة الفارابي. ومستشرق آخر أطلق عليه "المعلم الثاني" باعتبار أن أرسطو هو المعلم اﻷول.

جمعة مباركة وﻻتنسونا من صالح دعائكم.

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

والله من وراء القصد.

الخميس، 21 سبتمبر 2017

أهم إنجازات ومساهمات العلماء العرب والمسلمين [الجزء الثالث]

          بســــم الله الرحـــمن الرحــــيم

اﻷخوة اﻷعزاء واﻷخوات الأفاضل، أبنائي وبناتي اﻷحباء، طلابي وطالباتي اﻷوفياء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وصبحكم الله بكل خير وجمعة مباركة مع تمنياتي لكم جميعاً بأطيب اﻷوقات وأسعدها.

موضوع يوم هذا الجمعة الفضيل نواصل فيه إلقاء الضوء على إنجازات ومساهمات العلماء العرب والمسلمين. وموضوع اليوم يتعلق بأحد العلماء العظماء الذين تركوا بصمة قوية في تاريخ اﻹنسانية وهو "إبن خلدون"، والموضوع على النحو التالي:

⬇⬇⬇⬇

هو أبو زيد عبدالرحمن بن محمد بن خلدون ينتهي نسبه إلى وائل بن حجر من عرب اليمن. ولد في تونس وعاش في الفترة مابين [732 - 808] هجرية الموافق
[2343 - 3406] ميلادية. عاش بداية حياته في مدينة تونس حيث تعلم القرآن؛ ثم أقام فى مدينة تلمسان شمال غرب الجزائر حيث درس علوم اللسانيات من لغة ونحو وصرف وبلاغة وأدب وشعر. بعد ذلك عاد إلى تونس وتعلم الفلسفة والمنطق. ومنها انتقل إلى مصر واتصل بالسلطان برقوق الذي وﻻه القضاء وارتقى إلى عدة مناصب استفاد منها الكثير أثناء فترة إقامته فى مصر.

ذهب إلى فاس بالمغرب وتفرغ للتدريس والتأليف فأتم كتابه الكبير:"العبر وديوان المبتدأ والخبر" وهو كتاب له قيمة كبرى بين كتب التاريخ الإسلامي. وكتابه هذا اشتمل على فصول كثيرة في شتى مناحي العلوم، منها: علم النحو والصرف، أصول العمران، النظريات اﻻجتماعية والسياسية، تصنيف العلوم، وغير ذلك مما جعل إبن خلدون المؤسس اﻷول لعلمي التاريخ واﻻجتماع

وﻹبن خلدون آراء طريفة في علوم التربية والتعليم. وقد خصص الباب السادس من كتابه الكبير للبحث في تصنيف العلوم وطرق التعليم. وهنا على وجه التحديد انتقد طرق التعليم في اﻷمصار [الدول] الإسلامية وأكد على أهمية وضرورة أن يبدأ الأطفال في تعلم اللغة العربية قبل تعليمهم القرآن الكريم ﻷن بأسلوب التعليم القائم فإن الأطفال يقرأون ماﻻ يفهمون. كما أشار إبن خلدون إلى ضرورة اختصار الموضوع في البداية ثم التفاصيل فيما بعد، كما يجب في شرح الدرس باﻻعتماد على اﻷمثلة..

قيل عن إبن خلدون:
◾أول عالم كتب سيرة ذاتية عن تاريخ حياته

◾أنه أول من قام بحملة كبيرة ضد تعنيف اﻷطفال في معارضة له باستعمال القسوة والشدة في تربيتهم وأظهر و بَيَّن المفاسد واﻷخطار التي تنجم عن استعمال أسلوب القهر والتعسف أثناء تربيتهم

◾أول من استعرض تاريخ الحركة الفكرية لدى المسلمين؛ وكشف العلاقة بين العلوم والآداب من جهة التطور العلمي والتطور اﻻجتماعي من جهة أخرى؛ كما أوضح أن التربية ظاهرة اجتماعية وأن التعليم يتطور مع التطور الحضاري

◾أول من تَعَلَم ودَرَسَ بعمق علاقة الفكر بالعمل وتكوين العادات والمَلَكَات عن طريق المحاكاة والتلقين المباشر والتكرار

◾أخذ الغرب عن إبن خلدون بل وانتحلو الكثير من نظرياته. وكان وسيظل له التأثير الكبير على تقدم الحضارة اﻹنسانية لعدة قرون

جمعة مباركة وﻻتنسونا من صالح دعائكم.

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

والله من وراء القصد.

الخميس، 14 سبتمبر 2017

أهم إنجازات ومساهمات العلماء العرب والمسلمين [الجزء الثاني]

       بســــــم الله الرحــــــمن الرحــــــيم
اﻷخوة اﻷعزاء واﻷخوات الأفاضل، أبنائي وبناتي اﻷحباء، طلابي وطالباتي اﻷفياء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وصبحكم الله بكل خير وجمعة مباركة مع تمنياتي لكم جميعاً بأطيب اﻷوقات وأسعدها.

موضوع يوم هذا الجمعة الفضيل نواصل فيه سلسلة "إنجازات ومساهمات أهم العلماء العرب والمسلمين". وموضوع اليوم نلقي الضوء على أحد العلماء العظماء الذين تركوا بصمة قوية في تاريخ البشرية وهو "إبن رُشْد"، والموضوع على النحو التالي:

⬇⬇⬇⬇

هو محمد بن أبي قاسم بن أبي الوليد بن رُشْد، ويُكَنَى أبا الوليد، وعرفته أوروبا باسم أفيروس [Averroes]، وُلِدَ بقرطبة وكان جده من كبار القضاة وإمام الجامع الكبير في قرطبة. نشأ إبن رشد في بيت عِلْمٍ ونظراً لعلمه الواسع في الشريعة عُيِّنَ قاضياً في أشبيلية.

وبعد عودته إلى قرطبة دَرَسَ الطب على علماء قرطبة، كما كانت له مساهمات في الطب والفلسفة والفقه واللغة والأدب، وترك أكثر من 40 كتاب في شتى علوم المعرفة، منها 20 كتاباً في الطب وأهمها كتابه بعنوان "الكُليات في الطب".

وخلال كتبه قام بشرح الكثير من المواضيع منها الدورة الدموية والتشريح وتشخيص بعض الأمراض ووصف الأدوية لعلاجها، و شرح بالتفصيل عن طبقات العين والشبكية

كما دَرَسَ إبن رشد الفلسفة على أستاذه بن طُفَيْل؛ وهذا بالإضافة إلى أنه كان متعمق في علم المنطق. ومن أهم مقولاته التي اشتهر بها: "من اشتغل بعلم التشريح إزداد إيماناً بالله"؛ والمقولة: "من أراد أن يدرس العلوم ويجيدها، يجب أن يكون لديه خلفية متينة في علم المنطق.

وكان يستند في آرائه على البراهين والأدلة، كما كان يحترم آراء الغير حتى وإن كان ذلك الغير مخالفاً له في الرأي أو العقيدة. وفلسفته كانت تتسم بالتواضع والزهد. ولقد كان من العلماء الذين احتضنهم الحكام والمعروف عنه بأنه استخدم صلاحية منصبه في مساعدة الفقراء والمحتاجين.

ولابد من الإشادة هنا بأن إبن رشد يعتبر من أعظم علماء وفلاسفة وحكماء "القرون الوسطى".


وبعون الله تعالى في الأسبوع القادم من يوم الجمعة الفضيل سنستمر بتغطية هذه السلسلة وسنتناول سرد نبذة عن حياة وإنجازات عالماً من العلماء العرب والمسلمين العظماء، وذلك كالمعتاد بأسلوب سهل وبسيط.

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

والله من وراء القصد.

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

مقارنة بين الليبراليين العرب ونظائرهم الغربيين

                    بســــم الله الرحــــمن الرحــــيم

《مقارنة بين الليبراليين العرب ونظائرهم الغربيين》

الأخوة الكرام والأخوات الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وصبحكم الله بكل خير متمنياً لكم أطيب الأوقات وأسعدها.

اخترت لكم اليوم موضوعاً هاماً يتعلق بمقارنة بين الليبراليين العرب ونظائرهم الغربيين.

وأهمية هذا الموضوع تكمن في أن بعض الليبراليين أو ممن يدعون الليبرالية في العالم العربي أصبحوا يشكلون خطراً ﻻيستهان به في محاوﻻتهم المستميتة لطمس هويتنا الإسلامية من خلال تغريب ثقافتنا وأخلاقنا وتقاليدنا العربية اﻷصيلة المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف !!!

وأرغب التأكيد هنا بأن ﻻ جملة وﻻ كلمة منقولة من جهة أخرى وبالتالي إن ما أطرحه هنا يعبر عن وجهة نظري الخاصة التي ﻻتستند إلى مصادر وﻻ أدبيات (فقط قراءات تراكمية) لذلك وبطبيعة الحال فإنه من المتوقع أن البعض سيوافقني في بعض النقاط والبعض اﻵخر سيعترض وربما جملةً وتفصيلاً على الطرح كله.
ويسعدني مشاركة آرائكم أو تعليقاتكم، و أوعيدكم بأني سأتمسك بالمقولة: "أن الاختلاف في الرأي ﻻيفسد في الود قضية".

ومن هذا المنطلق ونظراً لتشعب الموضوع فإني سأتطرق إليه باختصار من خﻻل إلقاء الضوء فقط على بعض الجوانب التي أعتقد بأنها هامة وتشكل إحدى أوجه محاور الاختلاف الرئيسية في المقارنة بين الليبراليين العرب ونظائرهم الغربيين، والموضوع هو على النحو التالي:

⬇⬇⬇⬇

يمكن تصنيف الليبراليين العرب وذلك من منظور التربية والنشأة في الصغر، على سبيل المثال:

1- بعض أولياء الأمور المتشددين في تدينهم ﻻسيما اﻷباء [أو المشرفين على تربية الأبناء] يستخدمون المبالغة في التشدد والتعنيف مع أطفالهم أثناء تربيتهم ليغرسوا في نفوسهم تعاليم ديننا السمح. وينجم عن ذلك ليس كراهية الطفل لدينه فحسب بل وحينما يكبر ربما قد يصبح متمرداً ويبحث عن كل ما يتعارض مع التعاليم التي نشأ على كُرْهِها سواءً كان ذلك من خلال القرأة أو متابعة برامج القنوات الفضائية أو مصاحبة اﻷشخاص الذين يشاركونه في كٌرْهِه لتعاليم الإسلام [ﻻحول وﻻقوة إﻻ بالله].

2- أثناء نشأة الطفل إن لم يرى في أحد والديه ﻻسيما اﻷب [أو المشرف على تربيته] القدوة الحسنة في أخلاقه وسلوكياته أو إن ﻻحظ بأن هناك تناقض واضحاً بين التزام والده بدينه وبسلوكه وأخلاقه [ﻻحول وﻻقوة إﻻ بالله]، فإنه حينما يكبر ربما قد تنموا معه الشكوك في مصداقية دينه وبالتالي سيكون من السهل جداً أن يتأثر بأي أفكار قد تضله عن الإسلام.

3- إن الطفل عندما ﻻيتلقى تعاليم الدين الإسلامي الصحيح أو لم يهتم الوالدين أو أحدهما في غرس النبتة الدينية الصحيحة في نفسه أثناء طفولته المبكرة، حينما يكبر ربما قد يصبح مُعرَض للتأثر بأي أفكار أو أيدولوجيات قد تبعده عن دينه.

4- إن الطفل حينما ينشأ في وسط بيئة مسلمة، لكن الغالبية العظمى في البيئة الأخرى المحيطة به أنهم بعيدين كل البعد عن تعاليم دينهم [ﻻحول وﻻقوة إﻻ بالله] بالطبع قد سيكون من السهل أن يقع فريسة للأفكار التي قد تضله عن دينه [والعياذ بالله]

إن مثل هذه اﻷسباب وغيرها تزرع في نفسية الطفل النزعة للبحث عن البديل. وهذه النزعة في غالب الأحيان تجعل البعض من هؤﻻء اﻷطفال عندما يكبروا ينبهروا بحياة الغرب والحضارة التي وصلوا إليها، ومن منطلق شعار التحرر [الليبرالية] والبحث عن الترف الفكري فإننا نجد الكثير (إلا من رحم ربي) من الطبقة المثقفة يتجه نحو متابعة فكر ثقافة الغرب من خلال قرأة الكتب أو المترجم منها أو من خلال متابعة برامج القنوات الفضائية أو وسائل الإعلام اﻷخرى أو منتديات الحوارات الفكرية في الشبكة العنكبوتية أو وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أنه قد يصبح متأثراً بل وربما أحد المساهمين في إقحام الثقافة الغربية، ربما من خلال نفس الوسائل التي تَشَرَّبَ منها هذه الثقافة الدخيلة، إلى مجتمعنا المسلم [ﻻحول وﻻقوة إﻻ بالله].

لكن الترف الفكري لليبراليين العرب ﻻبد وأن يصطدم مع الحقيقة المُرَّة والتي مفادها أنه ﻻيمكن ﻷي ليبرالي عربي مسلم أو يدعي الليبرالية بأن يتقبل أن المرأة في حياته [أمه، زوجته، إبنته، أخته، إحدى محارمه، أو إحدى قريباته] تسلك سلوك المرأة الغريبة [الليبرالية] !!

أما بالنسبة ﻻبتعاد الليبراليين الغربيين عن دينهم [المسيحية] فالأسباب تاريخية تكمن في صلب العقيدة. حيث خلال عصر النهضة في أوروبا خاصةً بين القرنين
[15 - 16] حينما اﻻكتشافات العلمية كانت تتعارض مع تعاليم الدين المسيحي (المُحَرَّف) بدأت الكنيسة تضطهد وأحياناً أخرى تقتل العلماء. وبالطبع إن تعارض اﻻكتشافات العلمية مع الديانة المسيحية ليس بسبب الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام بل بسبب تحريفه بعد وفاته مباشرةً من قِبَل القديس بولوس [St. Paul] الذي كان يهودياً واعتنق المسيحية وقام بكتابة اﻹنجيل متأثراً بديانته اليهودية؛ وعلى مر العصور ظهرت نسخ عديدة ومترجمة إلى لغات مختلفة أكثر تحريفاً من اﻹنجيل الذي كتبه القديس بولس !!

ويتضح اﻷن أن أسباب ابتعاد الليبراليون الغربيون عن ديانتهم هي أسباب تتعلق في صلب العقيدة المسيحية التي تم تحريفها قبل عصر النهضة بأكثر من خمسة عشر قرناً وإلى زماننا هذا؛؛ بينما أسباب ابتعاد الليبراليون العرب عن الإسلام تتعلق بسوء التربية، وليس لها أية علاقة بالعقيدة أو مع ما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أو مع ما قاله الرسول ﷺ عن الرواة مثل البخاري ومسلم والترمزي، وأهل الثقة من الرواة الأفاضل. 

وﻻ يستطيع أي ليبرالي أن يأتي بآية كريمة أو بحديث شريف للرسول ﷺ تتعارض مع العلم أو مع أسلوب حياة المجتمع. وإن هو اعتقد بأنه وجد من خلال بحثه هناك تناقضاً علمياً مع آية كريمة أو حديثاً شريفاً فعليه أن يناقش أحد علماء المسلمين.

الليبراليون العرب إن هم خصصوا جزأً من وقتهم في معرفة المزيد من علوم دينهم خاصةً في مواضيع قوية مثل اﻹعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فإنهم بعون الله سيعودون إلى دين الفطرة.

وخير دليل إننا نجد كثير من العلماء والباحثين والمثقفين في أنحاء مختلفة من العالم يشهرون إسلامهم بينما ﻻنجد هذا يحدث بين نظائرهم المسلمين حينما يضلوا عن دينهم، أي أنهم ﻻيعتنقون الديانات الأخرى بل القلة القليلة منهم (والعياذ بالله) يلحدون والسبب هو بالرغم ما اكتسبوه من علوم الدنيا إلا أن معلوماتهم عن الإسلام ضحلة ربما ﻷن لم يكن لديهم الوقت الكافي أو ربما لأحد الأسباب التي ذكرتها.

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

والله من وراء القصد.

الخميس، 7 سبتمبر 2017

إنجازات ومساهمات أهم العلماء العرب والمسلمين [الجزء الأول]

         بســــــم الله الرحــــــمن الرحــــــيم

الأخوة الأعزاء والأخوات الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصبحكم الله بكل خير وجمعة مباركة مع تمنياتي لكم جميعاً بأطيب اﻷوقات وأسعدها.
اليوم نبدأ سلسلة جديدة بعنوان:

"إنجازات ومساهمات أهم العلماء العرب والمسلمين"

والموضوع الأول هو بمثابة وجهة نظري تمهيداً لهذه السلسلة، والتي هي على النحو التالي:

⬇⬇⬇⬇

لقد قرأت عدة كتب لمؤريخيين غربيين تتعلق  ب: "تاريخ العلم" و "تاريخ الفكر العلمي" و "تاريخ تطور العلوم" و "دراسات في العِلم والعلماء"  و "تاريخ اﻻكتشافات العلمية".

إﻻ أن اﻷمر المؤسف والمؤلم إن القارئ لهذه النوعية من الكتب سيتضح له بأن الكثير من هؤﻻء المؤرخين من العلماء الغربيين لم يكونوا موضوعيّن ولا مُنصفين بل كانوا مُجْحفين عند كتاباتهم عن العلماء العرب والمسلمين، وسيتضح للقارئ أيضاً بأن الكثير من هؤلاء الكٌتَّاب الغربيين كأنهم على اتفاق مسبق على اختزال تاريخ العلم بفترتين فقط من الزمان وهي فترتي اﻹغريق (وضموا لها ماتم إنجازه من بعدهم في عهد الرومان) وفترة عصر النهضة في أوروبا التي ازدهرت مابين القرنين [15-16] !!

اﻷمر المؤسف يكمن في أن هؤلاء المؤرخين الغربيين قد أغفلوا فترتين من تاريخ العلم وهما:
الفترة اﻷولى والتي كانت قبل عصر الإغريق حيث تم الوصول إلي أفكار ومباني وصروح وآثار شكلت مهداً للحضارات الإنسانية المتعاقبة قبل عصر الإغريق مثل الحضارة الصينية والهندية والسومرية والأشورية والبابلية والفينيقية والمصرية القديمة؛ وكأن اﻹغريق بقدرة قادر قد توصلوا لعلومهم النظرية (الفلسفية) بأنفسهم وبدون دراية لما توصل إليه قبلهم من مفكري وعباقرة الحضارات القديمة !!

أما الفترة الثانية هي التي كانت مابين حضارة اﻹغريق وعصر النهضة في أوروبا. وهي الفترة التي سادت فيها الحضارة الإسلامية وشيدها عشرات بل ربما مئات من العلماء المسلمين؛ وكأن علماء الغرب قد استيقظوا وفاقوا من سباتهم فجأة وبقدرة قادر أصبحوا علماء بدون أن يَطَّلِعُوا بل ويدرسوا ما توصل إليه من قبلهم العلماء المسلمين !!

وهم بذلك كأنهم تعمدوا إغفال أو إقصاء الفترة مابين اﻹغريق وعصر النهضة حينما كانت أوروبا بكاملها تقبع حقبة طويلة من الزمن في ظلام دامس من الجهل واﻷمية، المؤرخون الغربيون بأنفسهم يطلقون عليها عصور الظلام [Dark Ages]؛ بينما العرب والمسلمون آنذاك قد وصلوا بالإنسانية إلى قمة الحضارة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية !!

أما اﻷمر المؤلم في هذا السياق إن الحياد والموضوعية والدقة في التحري وغيرها من صفات النزاهة التي تشكل أهم خصائص العالِم الجاد التي يجب أن يتميز ويلتزم بها ليكتسب المصداقية، لم يتقيد بها  هؤﻻء المؤرخون الغربيون بالرغم من أنهم اعتبروا من العلماء لكنهم لم يتقيدوا بصفات العالِم الصادق في تقصي الحقائق التاريخية !!

لكن لابد من إحقاق الحق وأن أكون عادلاً وذلك بالقول أن هناك القلة القليلة من المؤرخين الغربيين كانوا منصفين عند كتاباتهم عن العلماء المسلمين، على سبيل المثال أن المؤرخ رام لاندو في كتابه "مآثر العرب في النهضة الأوروبية" كتب بما معناه: "إن علماء الغرب لايمكن أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه، إذا لم يحصلوا على على نتائج بحوث العلماء العرب مثل إبن رُشْد"

على أية حال إن الغالبية من المؤرخين الغربيين عندما يرغب أحدهم بأن يكون منصفاً فإنه يذكر بأن أحد العلماء المسلمين كان له دوراً في ترجمة جزء من أعمال أحد الفلاسفة اﻹغريق، وإن حاول أحد هؤلاء المؤرخين أن يكون أكثر إنصافاً فإنهم يذكروا بأن بعض العلماء المسلمين كان لهم دوراً في ترجمة أعمال الفﻻسفة اﻹغريق دون اﻹشادة أو حتى اﻹشارة إلى دور مساهمة العلماء المسلمين في اﻹضافات العلمية بعد ترجمتهم ﻷعمال اﻹغريق هذا ناهيك عن اﻻعتراف بالمساهمات الفردية التي قدمها عشرات العلماء المسلمين للحضارة اﻹنسانية !!

إن هؤﻻءَ المؤرخون الغربيون الذين كرسوا جهدهم في كتابة العديد من كتب تاريخ العِلم والعلماء لكي يكتسبوا أكثر مصداقية واحتراماً كان اﻷجدر بهم أن يسردوا تطور تاريخ العلم على أقل تقدير في سياق أربع عصور [فترات] وذلك حسب التسلسل التاريخي: عصر ماقبل التاريخ؛ عصر اﻹغريق والرومان؛ عصر الحضارة الإسلامية؛ وأخيراً عصر النهضة في أوروبا. وعلى العلماء أيضاً أن يلتزموا بخصائص العالِم الدقيق في تحري الحقائق التاريخية والموضوعية في سرد المعلومات مجرداً من أي تحييز.

من واجب أي مؤرخ عربي مسلم أو أي مؤرخ آخر يرغب في كتابة تاريخ العِلم والعلماء لكي يكون موضوعياً ومنصفاً فﻻبد أن يترك في ذاكرة القارئ بأنه لوﻻ ترجمة العلماء العرب والمسلمين ﻷعمال الفلاسفة اﻹغريق والتوسع بإضافة مساهمتهم الفردية لتطور العلوم ﻻضطر العلماء الغربيون في عصر النهضة أن يبدؤا من حيث بدأ أجدادنا. إنها الحقيقة التي يجب أن يسجلها أي مؤرخ منصف للعلم والتطور العلمي الذي نراه الآن وسيعيشه أبنائنا وأحفادنا من بعدنا.

وبعون الله تعالى في الأسبوع القادم من يوم الجمعة الفضيل سنبدا بتغطية هذه السلسلة وسنتناول سرد نبذة عن حياة وإنجازات عالماً من العلماء العرب والمسلمين العظماء، وذلك كالمعتاد بأسلوب سهل وبسيط.

جمعة مباركة وﻻ تنسونا من صالح دعائكم.

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

والله من وراء القصد.