الاثنين، 12 سبتمبر 2016

أزمات اقتصادية [01]

بسم الله الرحمن الرحيم
اﻷخوة اﻷعزاء واﻷخوات الأفاضل، أبنائي وبناتي اﻷحباء، طﻻبي وطالباتي اﻷوفياء السﻻم عليكم ورحمة الله وبركاته وصبحكم الله بكل خير وجمعة مباركة متمنياً لكم أطيب اﻷوقات وأسعدها.
خلال اﻷسابيع القادمة بعون الله سنتطرق إلى سلسلة جديدة من المواضيع بعنوان "أزمات اقتصادية"
[Economic Crisises]
وموضوعنا ليوم هذا الجمعة الفضيل هو اﻷول من سلسلة من هذه السلسلة، والشرائح المستهدفة من هذه المواضيع هم الشباب والشابات والذين هم يعملون في المجاﻻت اﻷخرى، وموضوع اليوم هو على النحو التالي:

⬇⬇⬇⬇

● "تعريف اﻷزمة الاقتصادية"
[Definition of the Economic Crisis]

▪اﻷزمة في اللغة العربية تعني الشدة والقحط والجدب، يقال تأزم الشيئ أي اشتد وضاق. وقد اشتق اسم "أزمة" من الفعل الماضي الثلاثي [أزم] بفتح الحرف (أ) وسكون (ز) وفتح (م).
أما في اللغة الإنجليزية فإن اﻷزمة [Crisis] تعني نقطة التحول [Turning Point] أو اللحظة الحاسمة [The Decisive Moment] التي يحدث عندها التغيير إما إلى اﻷفضل أو إلى اﻷسوأ في لحظة مصيرية أو زمن مهم.
وبالنسبة للغة الفرنسية فإن مفهوم اﻷزمة [Grand Larusse جغان لاغووس] وتعني حركة سريعة أو تطور عنيف لﻷحداث يتولد عنه إحساس بضرورة البحث الشاق لاتخاذ قرار حاسم معين تجاهه

▪بالرغم من عدم وجود تعريف محدد لﻷزمة اﻻقتصادية إلا أن معظم محاولات التعاريف تتفق على أن اﻷزمة الاقتصادية هي اختلال عميق واضطراب حاد ومفاجئ في توازنات المكونات الاقتصادية يتبعها انهيار في المؤسسات المالية مثل البنوك وسوق اﻷوراق المالية ومؤشرات آدائها، وتمتد آثار ذلك كله إلى القطاعات اﻷخرى

●واﻵن لابد من التفريق بين مفهوم اﻷزمة الاقتصادية واﻷزمة المالية:

▪اﻷزمة الاقتصادية [Economic Crisis]:
هي اضطراب مفاجئ يطرأ على التوازن الاقتصادي في دولة ما أو عدة دول. وتطلق بصفة خاصة على الاضطراب الناشئ عن اختلال التوازن بين اﻹنتاج والاستهلاك. وهذا يعني أن اﻷزمة الاقتصادية هي أزمة في مجال الاقتصاد العيني والمقصود به الاقتصاد السلعي الحقيقي الذي يتعلق باﻷصول العينينة [Real Assets]، وبالتالي فهو يتناول كل الموارد الحقيقية التي تشبع رغبات المستهلكين من مأكولات ومشروبات وملابس وتعليم ومواصلات وترفيه؛ وتشمل أيضاً جميع الموارد الحقيقة التي تشبع الحاجات بطريقة غير مباشرة مثل السلع الاستثمارية وتتضمن اﻷصول التي تنتج هذه السلع مثل المصانع واﻷراضي الزراعية ومراكز البحث والتطوير

▪اﻷزمة المالية [The Financial Crisis]:
الأزمة المالية تعني اختلالاً في الجانب المالي أو اﻷصول المالية. وبشكل عام فإن اﻷصول المالية تأخذ أحد شكلين إما تمثل حق ملكية على بعض الموارد أو تأخذ شكل دائنية على مدين معين [فرد أو شركة]؛ إلا أن اﻷصول المالية قد تطورت في النوعين السابقين لتصبح أصول مالية ممثلة للملكية [اﻷسهم] مع ظهور الشركات المساهمة، وأيضاً تطورت أشكال اﻷصول المالية الدائنة [أو المديونية] مع تطور اﻷوراق التجارية والسندات ومع هذا التطور انتشار تداول اﻷسهم والسندات واﻷوراق التجارية.

إن هذا التطور ساعد على ظهور مؤسسات مالية قوية تصدر هذه اﻷصول المالية باسمها وتتمتع بثقة الجمهور مما أدى إلى زيادة تداول اﻷسهم والسندات. ونجم عن ذلك ظهور البورصات التي تتداول فيها اﻷصول المالية ودخلت أيضاً المؤسسات المالية الوسيطة وعلى وجه التحديد البنوك بتقديم الديون لﻷفراد على شكل نقود، وحين تمول اﻷفراد فإنها تحل مديونية هذه البنوك محل مديونية عملائها وهكذا فإن البنوك تحول المديونات الخاصة بعملائها إلى مديونيات عامة من خلالها تكسب ثقة المواطنين فيقبل عليها المتعاملون

ومن هذا المنطلق فإن بعض اﻻقتصادين يرى أن اﻷزمة المالية هي مضاد للاستقرار المالي، بمعنى أن اﻷزمة المالية هي الانخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من اﻷصول؛ وقد تكون رأس مال مادي يستخدم في العملية اﻹنتاجية مثل اﻵلات والمعدات والمباني؛ أو قد تكون أصول مالية في شكل حقوق ملكية لرأس المال المادي أو للمخزون السلعي مثل اﻷسهم وحسابات الادخار [التوفير].

فإذا انهارت فجأة قيمة هذه اﻷصول في بلد ما فإن ذلك قد يعني إفلاس أو انهيار قيمة المؤسسات التي تملكها. وقد تأخذ اﻷزمة المالية شكل الانهيار المفاجئ لسوق اﻷوراق المالية أو في سوق العقارات أو مجموعة من المؤسسات لتمتد إلى باقي القطاعات الاقتصادية مما يؤدي إلى انهيار في العملة المحلية؛ وهذا يؤدي إلى فقدان الثقة في عملة البلد أو أحد اﻷصول المالية اﻷخرى مما يتسبب في سحب المستثمرين اﻷجانب لرؤوس أموالهم من البلد.

ولابد من التنويه هنا بأنه قد ينجم عن بعض اﻷزمات الاقتصادية أخطاراً كبيرة وإنه قد تنتقل وتنتشر اﻷزمة سريعاً بين قطاعات الاقتصاد الواحد وأيضاً تنتقل من دولة إلى أخرى تحت تأثير ما يعرف بالعدوى الاقتصادية؛ لكن ليس بالضرورة أن كل أزمة اقتصادية تؤدي إلى أزمة دولية

وبعون الله يوم الجمعة الفضيل القادم سيكون الأسبوع الثاني من سلسلة "أزمات اقتصادية"، وبإذن الله سنتطرق إلى:

"أنواع اﻷزمات الاقتصادية"
[Types of the Economic Crisises]

كالمعتاد بأسلوب بسيط وسهل.

جمعة مباركة وﻻتنسونا من صالح دعائكم.

__________________________

والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق