بسم الله الرحمن الرحيم
اﻷخوة اﻷعزاء واﻷخوات الفاضﻻت، أبنائي وبناتي اﻷحباء، طﻻبي وطالباتي اﻷوفياء السﻻم عليكم ورحمة الله وبركاته وصبحكم الله بكل خير وجمعة مباركة متمنياً لكم أطيب اﻷوقات وأسعدها.
موضوعنا ليوم هذا الجمعة الفضيل هو الرابع عشر من سلسلة "مفاهيم اقتصادية" والرابع في الاقتصاد الكلي، والشرائح المستهدفة من هذه المواضيع هم الشباب والشابات والذين هم يعملون في المجاﻻت اﻷخرى. اليوم سنتعرف على موضوع "أنواع التضخم"
[Types of Inflation]
والموضوع هو على النحو التالي⬇:
■ هناك أنواع مختلفة من التضخم، ومن خلال معرفة أنواع التضخم يتضح لنا أسباب حدوث كل نوع من التضخم، وأهمها⤵:
● التضخم المعتدل
[Moderate Inflation]
وهو ارتفاع أسعار السلع والخدمات في المجتمع خلال سنة ببطئ وبشكل يمكن توقعه وبنسبة تتراوح مابين [1-2]%. وهذا مما يجعل الناس يثقون بالقيمة الشرائية للنقود التي يمتلكوها وبإمكانهم الحفاظ عليها، ومستعدون ﻹبرام عقود مالية طويلة اﻷجل. والسبب لأنه ينظر إلى هذا الارتفاع البسيط فى المستوى العام لﻷسعار على إنه ربما نتيجة لنمو في الاقتصاد المحلي وانتعاشه؛ أما إذا استمر هذا الارتفاع ببطئ في الزيادة بالمستوى العام للأسعار والخدمات فيطلق عليه "تضخم زاحف"
● التضخم الزاحف
[Creeping Inflation]
وهو ارتفاع بطيئ في المستوى العام لﻷسعار يستمر لفترة طويلة يصاحبه انخفاض مستمر في القيمة الشرائية للعملة المحلية
● التضخم بجذب الطلب
[Demand - Pull Inflation]
وهو التضخم الذي يظهر عندما الطلب الكلي على السلع والخدمات يفوق العرض الكلي لها، ولهذا تبدأ اﻷسعار في الارتفاع ويستمر ذلك الارتفاع طالما لا تتخذ الوسائل التي تحد من زيادة الطلب الكلي للسلع والخدمات أو التي تزيد من العرض الكلي لهم بالسرعة الضرورية لمواجهة الطلب الزائد أو اﻹثنين معاً [تحد من زيادة الطلب وأيضاً تزيد من العرض]
● التضخم بدفع النفقة
[Cost - Puch Inflation]
وهو التضخم الناتج عن تكاليف اﻹنتاج ويظهر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج. وهناك عدة أسباب لارتفاع تكاليف الإنتاج منها على سبيل المثال: ارتفاع أجور العمال بمعدلات تفوق الزيادة في إنتاجهم؛ ارتفاع تكلفة السلع التي يتم استخدامها في إنتاج السلع النهائية مثل الكهرباء والوقود والمنتجات البتروكيميائية؛ ارتفاع أسعار السلع التي يتم استيرادها وتستعمل في عمليات اﻹنتاج؛ إنخفاض القيمة الشرائية لعملة الدولة المستوردة مقارنة لعملة الدولة المصدرة
● التضخم بدفع الربح
[Profit - Push Inflation]
وهو التضخم في ارتفاع أسعار السلع والخدمات الناتج بسبب ارتفاع معدلات اﻷرباح التي يريد أن يحققها المنتجون أو البائعون فوق معدلات اﻷرباح السائدة في المجتمع. وبالطبع إن رفع معدلات اﻷرباح لابد وأن تنعكس مباشرة في ارتفاع اﻷسعار وتكون على حساب المستهلك وينجم عن ذلك تناقص القيمة الشرائية للعملة المحلية
● التضخم الهيكلي
[Structural Inflation]
ويحدث نتيجة لزيادة غير متوازنة في الطلب وزيادة التكاليف في بعض الصناعات الرئيسية على الرغم من أن الطلب الكلي اﻹجمالي في حالة توازن مع العرض اﻹجمالي في الاقتصاد المحلي. على سبيل المثال أن زيادة اﻷجور في بعض الصناعات الرئيسية مثل الحديد واﻷسمنت والتي بالضرورة أن ينجم عنها زيادة تكاليف وأسعار كل من صناعة السيارات وصناعة البناء. وأن هذه الزيادات في اﻷسعار بدورها لابد وأن تنعكس على مختلف القطاعات الاقتصادية اﻷخرى. وينظر الاقتصاديون إلى مدى أهمية هذا النوع من التضخم اليوم نتيجة لطبيعة الاقتصاد الديناميكية وزيادة مدى التداخل والاعتماد المتبادل بين الصناعات المختلفة
● التضخم المقيد
[Suppressed Inflation]
ويحدث هذا النوع من التضخم عندما تزداد كمية النقود المتداولة بين المستهلكين بدون أن يصحب ذلك زيادة في الكمية المعروضة من السلعة الاستهلاكية مما يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للسلع وبالتالي تهبط القيمة الشرائية للنقود المتداولة؛ لكن اﻷمر الذي يحدث هو عند ظهور هذا النوع من التضخم فإن الحكومة تتدخل لتتخذ بعض التدابير الكفيلة لتقييد هذا التضخم وذلك بفرض الرقابة على اﻷسعار [Price Control]، وإدخال نظام البطاقات [Ration System] وغيرها من قيود تفرضها الهيئات الحكومية من خلال تشريع القوانين
● التضخم المستورد
[Imported Inflation]
ويحدث عندما ترتفع اﻷسعار بسبب التكلفة المتزايدة للمواد الخام والسلع المستوردة مما يؤدي إلى زيادة تكلفة ونفقات السلع والبضائع التي يتم إنتاجها في الاقتصاد المحلي
● التضخم اللولبي
[Spiral Inflation]
وهو التضخم الذي ينتج عن اتجاهي تصاعدي في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بطريقة لولبية أي أن المطالبة بزيادة اﻵجور لابد وأن يؤدي إلى المزيد من ارتفاع اﻷسعار والذي بدوره يؤدي إلى المزيد من المطالبة بزيادة اﻷجور
● التضخم السريع
[Galloping (Open) Inflation]
وهو ارتفاع في المستوى العام لﻷسعار يحدث نتيجة للزيادة في الكمية المتداولة من النقود بدون أن يصحبها زيادة في حجم اﻹنتاج في الاقتصاد المحلي، ويؤدي هذا الارتفاع في مستوى اﻷسعار إلى الزيادة في تكلفة ونفقات الإنتاج، وأن هذه الزيادة في تكلفة ونفقات الإنتاج بدورها تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع من جديد، وهذه الارتفاعات والزيادات المتتالية والسريعة لابد وأن تفضي إلى تدهور والتآكل الحاد للقيمة الشرائية للعملة المحلية؛ ولقد حدث ظهر التضخم السريع خلال السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي في كل من إيطاليا وتركيا والمكسيك واﻷرجنتين والبرازيل؛ وأيضاً منذ التسعينيات في البلاد العربية مثل سورية ولبنان ومصر. وهذا التضخم الجامح يسميه بعض الاقتصاديين "الدورة المفرغة للتضخم"
[Vicious Circle of Inflation]
● التضخم الجامح
[ Hyper Inflation]
ويحدث عندما يرتفع المستوى العام لﻷسعار بشكل حاد مما يؤدي إلى تدهور سريع للقيمة الشرائية للعملة المحلية وينجم عن ذلك هبوط شديد في رغبة طلب المستهلكين للنقود بل ويحاولون باستعجال التخلص مما في أيديهم من نقود قبل أن تحترق بإنعدام قيمتها. ويعود السبب الرئيسي إلى لجوء الدولة لطبع المزيد من النقود والغير مبرر بدون أن يقابله زيادة في الطاقة اﻹنتاجية ولا غطاء نقدي ولقد كان أول ظهور للتضخم الجامح في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب الأهلية. وثاني ظهور له في ألمانيا خلال العشيرينيات من القرن الماضي حيثُ آنذاك بلغ التضخم معدلات فلكية [322 %] في الشهر الواحد.
يرى الكثير من الاقتصاديين بأنه بينما يمكن للاقتصاد المحلي البقاء في ظل الاقتصاد السريع إلا أنهم يعتبرون أن التضخم الجامح مميت ويعتصر كافة القطاعات الاقتصادية في الدولة وكأنه أصابها وباء والذي قد يصيب اقتصاديات دول مجاورة أو إقليمية أو دول تعتمد اقتصادها على الدولة التي أصابها التضخم الجامح.
● التضخم الركودي
[Stagflation]
إن هذا المصطلح هو عبارة عن تركيبة مختصرةٌ من كلمتين باللغة الإنجليزية، إحداهما تعنى الركود [Stagnation] والكلمة اﻷخرى تعنى التضخم [Inflation] إذاً فمعناها الحرفي التضخم المقترن بالركود، أو ما يعرف أيضاً بالركود التضخمي. وبالتالي يمكن تعريفه بأنه معدل مرتفع للتضخم مصحوباً بركود لاسيما في قطاع الصناعة. وهذا النوع من التضخم الذي يعتبره الاقتصاديون غير مسبوق أصبح واضحاً وشائعاً في معظم الدول الغربية في منتصف السبعينيات من القرن الماضي بسبب ظاهرة ارتفاع أسعار النفط في عام 1973 مما أدى إلى التضخم وتعطيل المصانع وتسريح العمال والموظفين وبالتالي إلى ارتفاع ملحوظ في مستوى معدلات البطالة [بعون الله سيكون موضوعنا القادم من يوم الجمعة الفضيل].
وبعون الله يوم الجمعة الفضيل القادم سيكون الأسبوع الخامس عشر من سلسلة "مفاهيم اقتصادية" والخامس لمواضيع الاقتصاد الكلي، وبإذن الله سنتطرق إلي موضوع التعرف على "البطالة"
[Unemployment]
كالمعتاد بأسلوب بسيط وسهل.
جمعة مباركة وﻻتنسونا من صالح دعائكم.
_________________________
والله من وراء القصد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق